مشاريع المنح البحثية الممولة في إطار الدورة الرابعة

محمد فاوبار: سوسيولوجيا التربية البيئية ورهان العدالة الإيكولوجية في التعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب

يختص هذا البحث بدراسة سوسيولوجية نقدية ومنفتحة على آفاق عبر تخصصية لمناهج تدريس التربية البيئية في التعليم الثانوي التأهيلي بالمغرب، وطرق تدريسها لفائدة الناشئة المغربية وكيفية تلقي هذه الناشئة للمعارف البيئية، للتحقق من مدى مساهمة هذه التربية في تمكين المتعلم من تحليل المشاكل البيئية وحلها. يتعلق الأمر بمعرفة مدى قدرة عمليات التعليم والتعلم الحالية على تمكين التلميذ المغربي من تحقيق أهداف التربية البيئية، وخاصة إقداره على بلوغ وعي مستنير بالطبيعة وبالعدالة البيئية من جهة، وبأهمية المساهمة (على مستوى كل الأبعاد المحيطة به) والتصدي للمخاطر التي تهددها أي الطبيعة من جهة أخرى. كما يهدف البحث إلى القيام بعملية استقصائية لمعرفة مدى حضور مفهوم العدالة الإيكولوجية في الكتب المدرسية، وفي الأنشطة التربوية البيئية في أفق الانفتاح والرهان على اتجاهات فكرية، وخاصة تيارات العدالة الإيكولوجية التي برزت في أمريكا وكندا وأوروبا، نظرًا لفعاليتها النظرية والعملية في تشخيص وتحليل المشكلات البيئية والمجتمعية.

تعتبر التربية البيئية المستندة إلى تعليم وتعلم  التلاميذ للمعارف والأنشطة والخبرات، وما يرتبط بها من سلوكات واتجاهات، من أهم آليات المحافظة على البيئة كما نصت على ذلك المؤتمرات الدولية منذ بداية عقد السبعينات من القرن الماضي، لكونها تتجه إلى الناشئة من خلال قطاع التعليم الذي يحتضن القوة الديموغرافية الأساسية في البلد والمتمثلة في الأطفال والشباب، الذين يتلقون مبادئ ومرتكزات هذه التربية من خلال التمدرس لعلهم يكتسبون تمثلات ومواقف وممارسات نصيرة للبيئة وحامية لها. لذلك تكمن أهمية البحث في دراسة تمثلات التلاميذ وتصورات الأساتذة حول الوضع البيئي ودور المدرسة في تطويره، وطرق رفع فاعلية الإنسان المغربي في الشأن البيئي بواسطة تفعيل المناهج المدرسية. كما يعمد إلى ضبط درجة اقتراب المناهج المغربية من منظورات العدالة الإيكولوجية، واقتراح إطار مرجعي لمنهاج دراسي، وإطار مرجعي لتكوين المدرسين يرمي إلى تكوين كفاءات  تربوية  لديهم، وانغراس أكبر للمتعلم في بيئته المحلية حتى يشعر بهويته وقابليته للحفاظ عليها وتنميتها.

لذلك سيتم اعتماد المنهج الكمي والكيفي لإنجاز الدراسة. ومن هذا المنطلق  سيتم  اختيار عينتي مدرسين (أساتذة مادة الجغرافية: 40 أستاذًا) وعينة التلاميذ (600 تلميذًا) على أساس انتقاء ثانويتين في جهة الدار البيضاء وثانويتين في كل من جهتي فاس ووجدة. وسيتم الاقتصار على المؤسسات التعليمية بعواصم الجهات الثلاث وهي مدن فاس، والدار البيضاء، ووجدة، لكونها تحتضن الأنشطة الاقتصادية الأساسية، كما تتوفر فيها بنية ديموغرافية هامة تنعكس على البيئة الطبيعية والاجتماعية، مما سيفتح المجال لدراسة نوعية تفاعل الأساتذة والتلاميذ مع التربية البيئية ومع الوسط المحلي في نفس الوقت. وسيقوم البحث بدراسة مدى فعالية المناهج المدرسية المغربية وخاصة ما يتعلق بالبيئة من خلال قياس العلاقة بين المدرسة والوسط المحلي، وطبيعة الكفاءات التي تسند الفاعلين في ذلك. إن الإقرار بهذا التوجه يتطلب بحث مرجعية التربية في المغرب، ومدى حضور مفهوم العدالة الإيكولوجية أو عدم حضوره في المناهج المدرسية المغربية، لأن هذا الحضور من شأنه أن يدفع واضعي المناهج إلى استقاء تصورات العدالة الإيكولوجية من التراث الثقافي المغربي، وكشف البنية المعيارية التي يستقي منها الإنسان المغربي القيم الناظمة لعلاقته بالطبيعة.