مشاريع المنح البحثية الممولة في إطار الدورة الثانية

عبد الرزاق أمقران: تناقضات السياسات التنموية في الجزائر: الريع كآلية لانتاج وإعادة إنتاج اللامساواة الاجتماعية.

إن مركزية المعطى الريعي ضمن منظومة السياسات والممارسات الاقتصادية والسياسية في الجزائر أخذ في البروز والتعاظم بدءا من سبعينيات القرن الماضي، إلى أن هيمن بحضوره اللافت على المؤشرات الاقتصادية الكبرى للبلد، فالمداخيل المتأتية سنويا من تصدير البترول والغاز تمثل على التوالي: 53%من الناتج المحلي الخام، 98% من قيمة الصادرات و67% من المداخيل الضريبية للدولة، مع غياب/تغييب شبه تام للنشاط الاقتصادي الانتاجي خارج المحروقات. إلى هنا فلقد ارتقى الريع إلى درجة تجعل منه الداعم الأساس للرباط الاجتماعي، كما تبلور على حواف عمليات حيازته، توزيعه، استغلاله ونهبه، مشروع الدولة الوطنية وصيغ مشروع المجتمع وفكرة العيش المشترك.

بالتأسيس على ما سبق ولغرض توجيه البحث وبناء شبكة قراءته وتحليله، ارتأينا اعتماد الفرضية التالية: إن إفرازات البنية/المنظومة الريعية للدولة والاقتصاد تتجه نحو الإبقاء على مختلف تشكيلات المجتمع –أفرادا وجماعات- حبيسة وضعية الزبون (الزبونية بوصفها العلاقة السياسية المهيمنة) ووأد أي مسعى –منظم أو غير منظم- لانبثاق وتحقق الفرد الحر المستقل (=المواطن)، كما تساهم في فرض أطر نزاعية وصراعية عنيفة للعلاقات الاجتماعية بتضمينها قيم الانتهازية والفهلوة وممارسات النهب والافتراس داخل الرباط الاجتماعي؛ على الطرف الآخر تُسهم الطبيعة الريعية للاقتصاد والدولة في دعم استمرار وشرعنة نظام حكم تسلطي، ففي حالة الجزائر نلحظ اقتران سيرورة بناء دولة ما-بعد الاستقلال مع مسعى الهيمنة الشاملة على الريع وموارده المادية والرمزية حيث حولت إلى أداة لشرعنة النظام والسيطرة على المجتمع.

لقد أسهم الريع في تحويل واقع وغاية حقل الإنتاج والعمل، من الإنتاج وخلق الثروة إلى النهب والافتراس. حيث صار النشاط الاقتصادي والمشاريع الممولة من طرف الدولة مجرد قنوات يُضخ فيها المال العام ليقوم القطاع الخاص وزبائن النظام باقتطاع حصصهم منها من دون رقابة تذكر.

طرق استعمال النظام للموارد الريعية ينم عن نيته السيطرة على المجتمع ووأد كل مبادرة اقتصادية مستقلة من شأنها التأسيس لسيرورة مفرزة لمجتمع مدني/اقتصادي مستقل ومنفصل عن المجتمع السياسي ويطرح نفسه كسلطة مضادة للنظام الحاكم. إن هذا النوع من التعاطي مع الاقتصادي يحاول دوما إفراغه من مضمونه السياسي والاجتماعي لتبقى العمليات الاقتصادية مجرد آلية توزيع ومحاصصة للموارد الريعية. والحال على هذا النحو فإن الرهان ليس ذو طبيعة اقتصادية بل سياسي محض، وهو منع بروز فاعلين مستقلين وولادة ديناميات سوسيو-اقتصادية جديدة، من شأنها السير بالمجتمع نحو التغيير ونحو هندسة جديدة لتوزيع السلطة وممارستها، وكذا في اتجاه قطع حبل التبعية للريع (=للنظام الحاكم).

الدكتور عبد الرزاق أمقران،أستاذ محاضر في علم الاجتماع الثقافي حاليا وعضو هيئة التدريس في قسم علم الإجتماع،جامعة سطيف2، الجزائر. حاز على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع التنمية من جامعة قسنطينة، الجزائر سنة 2012 بتقدير مشرف جدا عن أطروحة موسومة: استراتيجية التجديد الثقافي في المجتمعات العربية في ظل العولمة. تابع دراسته الجامعية في جامعة الجزائر أين مكنه مساره الناجح في نيل منحة دراسية أتاحت له متابعة الدراسة في إنجلترا، متحصلا على شهادة اللغة الإنجليزية ،أولا سنة1985 ، ثم شهادة الماستر في ثقافة المجتمعات المعاصرة سنة 1987 من قسم علم الاجتماع، جامعة يورك. التحق بالتدريس في الجامعة الجزائرية منذ عودته سنة 1987 ولايزال في هذه المهمة إلى يومنا هذا. شغل الدكتور منصب رئيس قسم علم الاجتماع لسنتين وأشرف على العديد من مذكرات تخرج الطلاب في فروع مختلفة، كما تمتع بعضوية فرق بحثية عدة ونشرت له سبعة كتب منها الفردي ومنها الجماعي إلى جانب ستة عشر مقالة أهمها تلك التي خصصها لنهاية الأيديولوجيا وفكر أمين معلوف وجاك أتالي.تحصل مؤخرا على منحة بحثية من المجلس العربي للعلوم الإجتماعية لمشروع بحث يدرس"الريع كآلية لإنتاج وإعادة إنتاج اللامساواة الإجتماعية في الجزائر". يهتم الدكتور حاليا بالمشاركة في المؤتمرات الدولية المنظمة في الجامعات الغربية مثل تورنتو، فيينا،سبليت وشيكاغو.

عرض الكل
ACSS

رسالة من إدارة المجلس

اقرأ

ACSS

تحديد الإحتياجات

موارد للبحوث | المرصد

ACSS

إنتاج الأبحاث رفيعة المستوى

أبحاث | اصدارات

ACSS

تعزيز القدرات

تعزيز القدرات | التدريب

ACSS

المنابر والعمل الشبكى

التشبيك | الجمعية العمومية

ACSS

دعم الفكر المستقل

دعم الفكر المستقل