الدورة الأولى لمشغل النماذج الفكرية الجديدة

أكرم عباس: تجارب المرأة في فضاءات السيادة الإسلامية وهيئاتها في السودان

الملخص: تناقش هذه الورقة تجربة النساء السودانيات في مواجهة الدولة وهيئاتها الرقابية ومؤسساتها القانوينة. ويرسم هذا المقال بشكل خاص معالم المقاومة الجندرية أو المتعلقة بالنوع الاجتماعي(gendered resistance)  لمرونة وتعسفية الدولة في النشر غير الرسمي ل "قانون النظام العام". وقد قامت الدولة السودانية باستخدام هذا القانون من أجل تعزيز وإضافة صبغة أخلاقية على الشكل الذي تتخذه في السيادة المطلقة على الشعوب والأجساد والممارسات. ويحد هذا القانون من تطلعات النساء الاجتماعية ومطالبهن بأشكال بديلة من السيادة الشعبية الجندرية والحقوق في المساحة العامة والكرامة الجسدية. وتوضح هذه المقالة كيف أن "قانون النظام العام" يشكل القناة الرئيسية التي يتم من خلالها أسلمة القوانين، والتي تدمج من خلالها الدولة بين شكل معين من سيادة الدولة والسلطة الاجتماعية المبنية على الفروق الجندرية/التي تعد مسلمًا بها. وفي هذا السياق، تسأل هذه الدراسة: هل يمكن لنماذج تحليل السيادة السائدة أن تكون كافية لتحليل قوة الدولة والسلطة الاجتماعية؟ إنني أدعو لنوع جديد من نظرية السيادة التي يمكنها أن تتفاعل مع مشكلتين أساسيتين: الأولى هي أن المرأة السودانية مثقلة بالطابع الجندري لسيادة الدولة المطلقة، التي بتشكيلاتها القومية والعنصرية تحدد بصرامة أولوياتهن واستراتيجياتهن. والمشكلة الثانية، على صعيد أكثر إيجابية، هي أن تعميم نظريات إما السيادة المستبدة أو الشعبية لا يمكن أن تساعدنا على فهم قدرات المرأة السودانية على أشكال جديدة من التعبئة والحشد والتنظيم حول الأجساد والمساحات والأخلاق العامة البديلة. وقد شاركت النساء في عدد من الحركات وقد  تم إحياء ثقافة نسوية قوية هي الآن حيوية ونشطة منذ عام 2013، على الرغم من انقسام البلاد إلى شمال وجنوب، واستمرار الصراع في دارفور وعلى طول الحدود مع جنوب السودان. وتتناول هذه الورقة الطرق التي تتصور بها النساء السودانيات (إلى حد كبير-  تلك التي تنتظم  في الحركات الاجتماعية في الخرطوم) السيادة الجندرية للدولة وتخلق أشكالًا بديلة للحكم والسلطة. وقد عملن من أجل إحداث تعديلات في القوانين لصيانة حقوق النساء وحماية مصالحهن، مع استمرارهن من ناحية أخرى بمحاولة الاستفادة من أقصى حد من الخيارات المتاحة أمامهن عبر النظام القانوني الموجود، بالرغم من استمرار شكل قمعي من سيادة الدولة التي ترفض فعليًا المساواة بين الجنسين وترسخ سلطتها من خلال القيود على أفعال النساء وأجسادهن واستراتيجياتهن العامة .

أكرم عباس طالب في مرحلة الدكتوراه في جامعة الخرطوم، وحاصل على درجة الماجستير من جامعة الخرطوم. يعمل باحثًا في مجالات المساواة بين الجنسين، والحركات النسائية، ومواضيع الجندر أو النوع الاجتماعي، والسلطة، والخطابات السياسية. ويعمل حاليًا باحثًا مع المركز الفرنسي للدراسات والتوثيق الاقتصادي والقانوني والاجتماعي في الخرطوم (Centre d'Études et de Documentation Économiques, Juridiques et Sociales). ويشارك أيضًا في مشروع مع معهد كريستيان ميكلسين (CMI) حول مكافحة العنف ضد المرأة والنفاذ إلى العدالة في شمال السودان.