مشروع التعليم العالي في المنطقة العربية

يخضع مشهد التعليم العالي في العالم العربي لتغييرات عميقة بفِعل مسارات الخصخصة والعولمة التي تخلق مؤسسات جديدة وأنواع جديدة من المؤسسات. وتشمل جامعات المنطقة حاليًا جامعات رسمية وطنية (تنمو من حيث العدد والتوزيع الجغرافي)، وجامعات خاصة (بما فيها الجامعات التي تتوخّى الربح)، فضلًا عن الأحرام الجامعية الفرعية التابعة للجامعات الغربية والآسيوية. من هنا، يتمتّع الطلاب بخيارات أكثر من ذي قبل لجهة متابعة تعليمهم العالي، إلاّ أنّ كلفة هكذا تعليم لا تنفكّ ترتفع، حتى في المؤسسات الوطنية التي توفّر التعليم المجّاني، من حيث المبدأ.

علاوةً على التغييرات المؤسّسيّة، فإنّ أدوار الجامعات الأوسع نطاقًا تتغيّر منذ عقود عدّة. وقد أدّت الجامعة دورًا بارزًا في أحداث الثورات العربية المتعددة، لا سيّما في مصر وتونس. كما أدّت الجامعات، تاريخيًا، دورًا حاسمًا في التطوّرات السياسية التي شهدتها المنطقة، وقد كان للفاعلين الجامعيّين (بخاصة الطلاب) دورًا أساسيًا في الحركات السياسية التي طبعت القرن العشرين. ثانيًا، لعبت الجامعات دورًا هامًا في مشاريع الأنظمة الحاكمة في المنطقة في ما يتعلق ببناء الدولة – كأنظمة مركزية بالنسبة إلى العقود الاجتماعية المُبرَمة بين الدولة والمواطن، فضلًا عن المؤسسات الضرورية لضمان فعالية الجهود التنموية التي تقودها الدولة. وأخيرًا، أعادت سياسات الخصخصة والنيوليبرالية رسم حدود مجال التعليم العالي، ودور الجامعة كمؤسسة اجتماعية وسياسية خلال العقود الأخيرة.

ويقوم "مشروع التعليم العالي في المنطقة العربية" باستعراض مشهد التعليم العالي المتغيّر في المنطقة، مركزًا على طبيعة الحوكمة في الجامعات إثر التغييرات الهيكلية الوطنية والإقليمية والعالمية، ومدى استقلالية الجامعات عن الدولة، والطبقات والجماعات الاجتماعية النافذة. ويتم تنفيذ هذا المشروع بالاشتراك مع برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمجلس أبحاث العلوم الاجتماعية (Social Science Research Council-SSRC) في نيويورك.ويجري العمل على تطوير موقع إلكتروني لنشر الأبحاث المنجزة، بالإضافة إلى الوثائق المتعلقة في مشهد التعليم العالي في كافة أنحاء المنطقة.