مشاريع المنح البحثية الممولة في إطار الدورة الثالثة

محمد سعدي: "نساء النينجا" دراسة حالة الفلاحات العاملات ببركان

هي النساء الملثمات اللواتي يخفين ملامح وجوههن ، يلقبهن سكان مدينة بركان بالمغرب بنساء النينجا " . أغلبهن يقصدن العمل في الضيعات الفلاحية المتواجدة بكثرة في المنطقة ، وقد جئن من مناطق قروية بعيدة من مختلف مناطق المغرب العميق ، هربا من الفقر المدقع والهشاشة الاجتماعية والأوضاع الصعبة جراء الضغط المجتمعي والأسري. يلجأن إلى استعمال اللثام، على شاكلة مقاتلات النينجا،  من أجل إخفاء هويتهن خوفا من الوصم والاستهجان الاجتماعيين ،ولتجنب التعرض للتحرش الجنسي من قبل الرجال ...

منذ ساعات الفجر  تستفيق المدينة على حشود ضخمة من "نساء النينجا"، يتجمعن في ساحة عامة تدعى الموقف  ، وما أن تقدم إحدى الشاحنات حتى تتهافت عليها العاملات المزارعات  في تسابق محموم للظفر بيوم عمل. تبتدئ العملية بانتقاء المشغلين للعاملات  ، حيث لا يسمحون بالصعود في العربات إلا لمن تتوفر على بنية جسمانية قوية، ولذلك تحاول العاملات بما فيهن حتى الفتيات والعجائز وحتى الحوامل أحيانا،  الظهور والبروز  في هيئة جيدة وقوية حتى لا يعدن من حيث أتين. وإذا كانت عملية انتقاء العاملات المزارعات تتم غالبا بإلقاء نظرة عامة لجسمها وهيأتها إلا أنها، أحيانا، لا تخلو من تجاوزات وممارسات تحط بالكرامة وتذكر بزمن العبودية وسوق النخاسة، بحيث يتم تحسيس كتف وساعد العاملة بحجة معرفة مدى قدرتها على تحمل عناء ومشقة العمل في الحقول.

إن القاسم المشترك بين هؤلاء النسوة في كل مناطق المغرب  هو التعرض للاستغلال والحيف وانتهاك للحقوق بأوجه متعددة. وتهدف الدراسة إلى رصد  أوضاعهن  وإبراز المشكلات التى يعانين منها وتحليل السياق الاجتماعي والظروف الأسرية التي أنتجت وضعيتهن الهشة، وأشكال المقاومة التي تعبر بها هذه الفئة الاجتماعية المقهورة عن مطالبها بالكرامة والمساواة.

الغاية من هذا البحث هي رسم صورة أولية لظاهرة شبه مسكوت عنها  بالمغرب ، وهذا في أفق تقديم تشخيص للدلالات  العميقة للهشاشة والقهر واللامساواة التي ترزح تحتها " نساء النينجا" ، والسبل الممكنة لتعزيز قدراتهن وتمكينهن من مصيرهن .

وتنطلق هذه الدراسة الإجتماعية من منهجية أمبريقية تعتمد على البحث الميداني لجمع المعطيات والإطلاع على المعيش اليومي لهؤلاء النسوة والاستماع المباشر لشهاداتهن ومعاناتهن ، قصد فهم كيف يؤدي اجتماع وتفاعل مسارات وعوامل اجتماعية متعددة إلى تأنيث الفقر واللاعدالة الاجتماعية.

محمد سعدي أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة بالمغرب، حاصل على الدكتوراه في القانون العام ،دبلوم الدراسات العليا في القانون،  ماجستير القانون الدولي والأوروبي لحقوق الأنسان. له اهتمام أكاديمي  بقضايا  حقوق الإنسان في علاقتها بتفاعلات الحراك الاجتماعي ، وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية  ونشر عدة دراسات ومقالات بحثية تهم العلوم السياسية والاجتماعية. صدر له مؤخرا: مدخل للعلوم السياسية: دراسة في الأصول النظرية (2014)، حقوق الإنسان : الأسس، المفاهيم والمؤسسات  (2012).

عرض الكل
ACSS

رسالة من إدارة المجلس

اقرأ

ACSS

تحديد الإحتياجات

موارد للبحوث | المرصد

ACSS

إنتاج الأبحاث رفيعة المستوى

أبحاث | اصدارات

ACSS

تعزيز القدرات

تعزيز القدرات | التدريب

ACSS

المنابر والعمل الشبكى

التشبيك | الجمعية العمومية

ACSS

دعم الفكر المستقل

دعم الفكر المستقل