الدورة الأولى لمشغل النماذج الفكرية الجديدة

إيمان يعقوبي: "السيادة الإنفصالية": النسوية التي ترعاها الدولة وسياسة "امرأة ضد امرأة" في تونس

الملخص: إن إحدى الأساطير الأكثر انتشارًا حول الحركة النسوية في السياسة التونسية في حقبة ما قبل الربيع العربي هي أن النساء في هذا البلد تمتعن بأحد أفضل الأطر القانونية والسياسية "العصرية" في مجال المساواة بين الجنسين في العالم العربي. وأحاجج هنا بأن تحليل تمكين المرأة وإنجازات الحركة النسوية في تونس الذي يركز بمعظمه على قضية قانون الأحوال الشخصية يعيد إنتاج الخلط بأن الحركات النسوية التونسية هي "حركة نسوية ترعاها الدولة" (State Feminism). إن الحركة النسوية التي ترعاها الدولة تشكل أحد الأساليب الزبائنية والانضباطية التي استخدمتها الدولة "للنهوض" بنظام النوع الاجتماعي/الجندر في تونس و"تحديثه" منذ قيام دولة ما بعد الاستعمار. ومع ذلك، فقد قامت الحشود التي ثارت على الدولة في تونس خلال الفترة 2010-2011 بالكشف عن الجوانب المقموعة للمواطن العربي الذي أكد على السيادة الذاتية (ودائمًا بأشكال ذات سمات تتعلق بالنوع الاجتماعي والجسد) وبأساليب تعارضت مع النسوية التي ترعاها الدولة ومفاهيمها المعيارية لجسد المرأة ودورها "العصري" في المجتمع وفي البنية السياسية. فالنساء الثائرات اللواتي شاركن في الاحتجاجات لم يكنّ يشبهن  الصورة التي رسمتها النسوية التي ترعاها الدولة في صورة بنات الرئيس بن علي المرغوب فيهن والمحترمات والراضيات عن أنفسهن. وأدرس في هذه المقالة حقوق المرأة التونسية بطريقة تتجاوز النظرة المعتادة للإطار المفاهيمي لسيادة الدولة الذي يركز على القوانين، والذي يمثل نسوية الدولة بالنسبة إلى معظم المتخصصين في دراسات النوع الاجتماعي. وأقترح بأنه ينبغي التنظير "للنموذج الفكري النسوي الثائر والساعي للانفصال عن الإطار القديم" (insurgent, “disassociative” feminist sovereignty paradigm) على أنه نموذج فكري يستمد الإلهام من نساء المعارضة في الانتفاضة التونسية واللواتي قدمن نماذج بديلة. وأنا أحدد هذا النموذج الفكري البديل بثلاث سمات: (1) يؤكد هذا النموذج الفكري على المفهوم النقدي والقائم على النوع الاجتماعي للدولة التونسية (قبل الربيع العربي وبعده) التي تتسم بهيكل أبوي عميق، بعكس الصورة السائدة عنها بأنها تعمل على تحرير المرأة، وأنها جهاز منحاز إلى المرأة وذو نزعة "نسوية" أقوى من نزعة الناس أنفسهم؛ (2) يستند هذا النموذج البديل إلى مطالبة القطاع غير الحكومي والمدني بسيادة شعبية تنفصل عن سبل الدولة الزبائنية في إضفاء الشرعية على نفسها، وتخلق بدلاً من ذلك روابط واسعة بين الهيئات الاجتماعية والفضاءات العامة عوضًا عن أن تتمحور حول المحامين وصانعي السياسات والقوانين؛ (3) أحاجج أن هذا الشكل من السيادة النسوية الثائرة تتم تأديته وتمثيله عبر الحضور الحي، والعمل المباشر، وإشغال المكان العام جسديًا، وأشكال متنوعة من الأنوثة المعبرة التي تجتمع معًا من أجل رفض التمثيلات المعيارية أو الاختزالية أو الأحادية للأمة التونسية والأجساد العامة القائمة على النوع الاجتماعي. وتدرس هذه المقالة نشوء هذا النموذج البديل للسيادة النسوية الثائرة من خلال جغرافيا الاحتجاجات التي حدثت مؤخرًا، وتاريخ الأشكال المتنوعة للحركات النسوية في تونس والعالم العربي.

إيمان يعقوبي طالبة دكتوراه في الدراسات الجندرية والثقافية. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في اللغة والآداب الإنجليزية، وشهادة التعليم من كلية الآداب والعلوم الإنسانية والفنون بمنوبة وكلية المعلمين العليا في تونس .قامت بتدريس اللغة والآداب الإنجليزية في جامعة قابس بين عامي 2005 و2009. وهي تدرّس في جامعة جندوبة منذ عام 2009. شاركت بين عامي 2007 و2010 في برنامجالمغرب للكتابة العابر للأقطار (Medi-Café)، تحت إشراف المجلس الثقافي البريطاني. وهي محررة ومؤسسة مجلة "مورينغز" (مرافئ)، وهي مجلة ثقافية مغاربية ناطقة باللغة الإنجليزية.حصلت على زمالة في برنامج المشاركة المدنية والقيادة (Civic Engagement and Leadership Fellowship)، وهو برنامج تابع لجامعة سيراكيوز في نيويورك. وشاركت في الشبكة الدولية للشباب العرب (YAANI)، وهي مشروع تابع للمركز الثقافي البريطاني والمعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاثام هاوس).  

عرض الكل
ACSS

رسالة من إدارة المجلس

اقرأ

ACSS

تحديد الإحتياجات

موارد للبحوث | المرصد

ACSS

إنتاج الأبحاث رفيعة المستوى

أبحاث | اصدارات

ACSS

تعزيز القدرات

تعزيز القدرات | التدريب

ACSS

المنابر والعمل الشبكى

التشبيك | الجمعية العمومية

ACSS

دعم الفكر المستقل

دعم الفكر المستقل