مشاريع المنح البحثية الممولة في إطار الدورة الرابعة

لحسن أمزيان: النيوليبرالية الجديدة: المناطق الحضرية في المدن المغربية بين الاستقطاب والعدالة الاجتماعية

يعالج هذا البحث إشكالية البرامج العملاقة ذات الاستقطاب القوي للمجال الترابي الحضري وعلاقتها بالسياسة الحضرية ومعضلات العدالة الاجتماعية والانعكاسات البيئية. إن السؤال الجوهري الذي انطلق منه في هذا البحث هو: كيف انتقل الرهان على دور البنيات التحتية من مجرد دور بسيط يتعلق بتوفير شروط وظروف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في مجال حضري معين إلى دور استراتيجي جعل من فعل إحداثها وتهيئتها هو أساس وجوهر كل هذه الأنشطة؟ إن الهدف الأساسي من هذا البحث هو المساهمة في فهم كيف تتقاطع استراتيجة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المعبّر عنها من خلال البرامج العملاقة والواسعة النطاق مع أنواع جديدة من السياسات الحضرية لتشكيل ورسم مستقبل المدن. ويتغيأ بالتالي تقييم الانعكاسات السلبية لهكذا برامج عملاقة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس، والأهمية النسبية لها في حياتهم، وتعزيز طرق جديدة وآليات أكثر مرونة وإبداعية ومشاركة من قبل فاعلين متنوعين في استراتيجيات التخطيط والسياسات الحضرية أكثر عدالة ونجاعة.

 إن الإشكالية الرئيسية للمشروع تتعلق بالبحث عن الديناميكيات الحضرية المترتبة عن المشاريع العملاقة في إعادة هيكلة المجال من خلال التوزيع الجغرافي للأنشطة الاجتماعية والإنسانية؛ ومن خلال العمليات والديناميكيات الاقتصادية والسياسية غير المتساوية والمتفاوتة من حيث النمو الحضري للمناطق والمجالات في السنين الأخيرة. كما تتناول الترسانة المؤسساتية والتدبيرية التي تستند إليها هذه الديناميكيات وعلاقاتها بنظم الحكامة الترابية السائدة وفاعليها ورهاناتهم، وانعكاسات هذه الديناميكيات على الجماعات والأفراد من خلال عمليات الاجتثاث والترحيل والتفقير التي يكون ضحيتها العديد من المواطنين والجماعات البشرية، وكذلك الانعكاسات البيئية القريبة والبعيدة المدى التي تكون نتيجة لاختلال التوازن البيئي الطبيعي بفعل قوة التغيرات العميقة من خلال التدخلات العملاقة للأشغال الكبرى كتسوية جبال أو تغيير مورفولوجية ومعالم أودية أو سواحل. سأتناول بالبحث والدراسة ثلاثة مشاريع عملاقة ذات نطاق واسع وهي: 1) مشروع تهيئة ضفتي واد ابي رقراق، 2) مشروع تهيئة الواجهة البحرية لمدينة الرباط، 3) مشروع تهيئة الواجهة البحرية للدارالبيضاء.

أما على المستوى المنهجي، فإنني سأنطلق في مشروع هذا البحث للإجابة على سؤال البداية التالي (وهو سؤال كيفي): كيف انتقل الرهان على دور البنيات التحتية من مجرد دور بسيط يتعلق بتوفير شروط وظروف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية في مجال حضري إلى دور استراتيجي جعل فعل إحداثها وتهيئتها هو أساس وجوهر كل هذه الأنشطة؟ وعن هذا السؤال قمت بصياغة إشكاليتي كخطوة ثانية؛ وبعد ذلك وضعت فرضيات جوهرية للتحقق منها من خلال العمل الميداني الذي أقوم به أنا شخصيًا كباحث رئيسي. إن قياس كل فرضية سيتم انطلاقًا من صياغة تيمة (Themes) أو تيمات عن كل فرضية، وستشكل هذه التيمات قاعدة الأسئلة التي سنبني بها تقنية البحث، ألا وهي أسئلة المقابلة النصف موجهة.

 يبقى أن أشير إلى أن عينات البحث محددة حسب أسئلة البحث التي تم ترتيبها حسب إشكاليتي وفرضياتي بحيث أننا نريد أن نعرف المستوى السياسي والفني (علاقة المشاريع العملاقة بالحكامة المحلية والمؤسسات السياسية والتمثيلية الراهنة)، ومستوى الاندماج الحضري والإقصاء الاجتماعي. ويتعلق هذا بتقييم انعكاسات البرنامج العملاق على المجال الحضري من خلال درجة اندماجه وخلق التقاطب وتأثيره على النشطة الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساته البيئية والطبيعية.