مع إصدار هذا الكتاب، يُنهي المجلس العربي للعلوم الاجتماعيّة الدورة الثالثة لواحدٍ من أطول برامجه، وهو مشغل النماذج الفكرية الجديدة. وكانت "المقاومة الجندريّة" محور اهتمام دورة هذا العام.
جاء اختيار موضوع هذه الدورة، "المقاومة الجندريّة"، في الوقت المناسب، إذ يتزامنُ مع سياقٍ تزدهر فيه الدراسات الجندريّة في العالم العربي، وتلقى فيه الخطابات النسويّة مزيدًا من الأضواء. كما يتزامن مع مرحلةٍ تعجّ بالأنشطة الحقوقيّة والصراعات العديدة في المنطقة، مع ما يرافق ذلك من أعمالٍ متزايدةٍ ينكبّ أصحابها على استكشاف التحدّيات القديمة والجديدة من منظورٍ جندريّ، بطرائق فريدة ومثيرة للاهتمام.
يحتضن هذا الكتاب سبع ورقات لسبع زميلات تمّ اختيارهنّ لخوض غمار هذه الدورة من المشغل وكتابة الورقات لنشرها. ويغطي الكتاب مروحةً واسعة من المواضيع التي يمكن تقسيمها إلى محورَين رئيسَين. يبحث المحور الأوّل في كيفيّة تشبيك النساء والنسويّات مع القانون والدولة. في هذا الإطار، تتّخذ رشا يونس من حملة "بيروت مدينتي" في خلال الانتخابات البلديّة للعام 2016 مثالًا لتحليل مقاومة النساء المرشّحات، ضمن ما تسمّيه بـ"اللعبة السياسيّة" الطائفيّة وقواعدها الصارمة. أمّا مريم مكّي، فتتناول الحراك النسوي في مصر، وتحديدًا العنف الزوجي المبني على الجندر، للبحث أكثر في مسألة التشبيك النسوي مع الدولة ومشاركة الحقوقيّات في معترك الإصلاحات القانونيّة. وفي إطار موضوع التفاعل مع الدولة نفسه، تتطرّق إيمان الرامي إلى الاغتصاب الزوجي في المغرب، لتصبّ اهتمام بحثها على كيفيّة عيش النساء المغربيّات لتجربة الاغتصاب الزوجي ومقاومتهنّ له، خاتمةً نصّها بلمحةٍ عن تحرّك هيئات المجتمع المدني المغربي ضد الاغتصاب الزوجي. وفي الورقة الأخيرة من هذا المحور، تكتب سلمى حنتولي تأمّلاتها النقديّة لمفهوم تمكين المرأة كما تستخدمه وزارة التنمية الاجتماعيّة الفلسطينية، خصوصًا حين يُستعمل للحديث عن نساء وفتيات تعرّضن للعنف المنزلي والأسري.
يتمعّن المحور الثاني للكتاب في التمثيلات والمواقف الاجتماعيّة المختلفة. وفي هذا الإطار، تتفحّص مي أبو الدهب خيار نساء الطبقة العليا في المجتمع المصري بارتياد الأماكن المخصّصة للنساء فقط في القاهرة، كطريقةٍ يتّبعنها لمقاومة أشكال الضغط والمضايقة التي يمارسها عليهنّ الرجال في الأماكن المختلطة، وللتفاوض أيضًا من أجل الحصول على مساحةٍ حرّة خاصّة بهنّ كنساء في المدينة. أمّا سلمى أبو حسين، فتضيء في مساهمتها على نظريّة الحداثة وتنتقدها عن طريق دراستها وتحليلها لعمليّة تحويل ممارسة قطع الأعضاء التناسليّة الأنثويّة إلى مسألة مهنيّة طبّية. وأخيرًا، تستعرض باسكال غزالي قصّة الكاتبة التي عاشت في خلال الحقبة الأولى من القرن العشرين، مي زيادة، مُلقيةً الضوء على هويّاتها المتعدّدة، وعلى شخصيّتها البارزة في الحركة النسويّة العربيّة والنهضة. أمّا المادّة المؤلَّفة من مجموعة صور فتشكّل في حدّ ذاتها فعل مقاومةٍ للتهميش الذي تعرّضت له زيادة في السرديّات الحداثويّة السائدة للتاريخ العربي.
تاريخ الإصدار: 2019
المحتويات
تمهيد
مقدّمة المرشدات
"المشاركة في اللعبة": مفاوضة الذاتيّات الجندريّة داخل المقاومة المناهضة للطائفيّة في بيروت
- رشا يونس
في تحدّي التفاوض: الحشد النسوي، والدولة، وتجريم العنف الزوجي المبني على الجندر في مصر
- مريم مكي
"راجلي كيتكرفص عليا..."
العنف الجنسي داخل مؤسسة الزواج-الجنسانية النسائية (النسوية) في المغرب
- إيمان الرامي
تدخلات تمكين النساء والفتيات ضحايا العنف الأسري في فلسطين
- سلمى حنتولي
المقاومة الجسدية والجندرية في الأماكن المخصّصة للنساء فقط
- مي أبو الذهب
النساء في المرحلة الانتقالية: مقاومة بتر الأعضاء التناسلية الأنثوية في مصر
- سلمى أبو حسين
رحلة البحث عن مي
- باسكال غزالي
* تصميم الكتاب: نانسي ناصرالدين